يعتبر طب الألم من أحدث الفروع في الطب الحديث، فقد إرتأى العلماء ضرورة تطوير سبل علاجية جديدة من شأنها أن تريح المريض من آلامه كحل نهائي، عوضاً عن المسكنات.
ورغم معاناة الإنسان الطويلة مع الألم منذ القدم، فإن طب الألم يعتبر من التخصصات الحديثة، يعنی بدرس الألم معالجته كمرض وليس فقط كعارض لأمراض أخرى، ويهدف إلى تخفيف معاناة المريض وعائلته بشتى الوسائل الممكنة.
وتعاني ملايين النساء في جميع أنحاء العالم كل يوم من آلام مزمنة ولكن العديد منهن مازلن دون علاج.
من هنا كان لموقع المرأة مقابلة مع الدكتور “علي مغنية” أخصائي تخدير وإنعاش وطبّ الألم في لبنان حول أمراض الألم التي تطال النساء ، عبر مجموعة من الاسئلة عن أهم مشاكل الآلام عند النساء ، وتأثيرها على حياة المرأة وقدرتها الإنتاجية.
وقد صرح الدكتور علي مغنية أن هناك عدة أسباب قد تفسر سبب استمرار وجود العوائق التي تحول دون تلقي المرأة علاج الألم اللازم، من هذه الأسباب التي تؤثر على ذلك العوامل النفسية والاجتماعية، مثل أدوار السيطرة عند الجنسين وكيفية التعامل مع الألم ، وكيفية إدراك الألم وإيصاله.
بالإضافة إلى ذلك قد يكون هناك نقص في قبول أو فهم الاختلافات البيولوجية بين النساء والرجال والتي قد تؤثر على كيفية إدراك وتشخيص الألم.
هذه العوامل النفسية والاجتماعية والبيولوجية، إلى جانب للأسف العديد من الحواجز الاقتصادية والسياسية التي لاتزال موجودة في العديد من البلدان، تركت ملايين النساء يعشن في الألم دون علاج مناسب.
وأضاف: لحالات الألم التي تصيب النساء تأثير واسع وكبير، ومع ذلك لايزال هناك نقص في الوعي / الاعتراف بقضايا الألم التي تؤثر على النساء.
فالألم المزمن يصيب نسبة أعلى من النساء مقارنة بالرجال حول العالم ، لكن للأسف النساء أقل عرضة لتلقي العلاج.
وأظهرت الأبحاث أن النساء عموماً يعانين من ألم أكثر تكراراً وأكثر حدة ويدوم لفترة أطول من الرجال، وكثير من الناس لا يدركون أن بعض حالات الألم أكثر انتشاراً عند النساء منها لدى الرجال، ومنها الألم العضلي الليفي fibromialgia ، وهو حالة تتميز بألم مزمن واسع الانتشار، هو أكثر انتشاراً بين النساء( 80-90% من الحالات المشخصة من النساء)، وكذلك الميغران ( الصداع النصفي ) الذي يحد كثيراً من القدرة الإنتاجية لدى المصاب إذا لم يعالج ، والتهاب المفاصل الروماتويدي(الروماتيزم) ومايسببه من أوجاع مزمنة في العديد من المفاصل ، وهشاشة العظام (وهي مؤلمة جداً)، واضطراب المفصل الصدغي الفكي (TMJ) ، وآلام الحوض المزمنة ومتلازمة القولون العصبي (IBS) وأوجاع الرقبة وعرق النسا وغيرها الكثير من الآلام المزمنة.
ويشير د. مغنية إلى أن العلاج يكمن في : “طب الألم يعتمد على مقاربة متعددة الأوجه Multidisciplinary Approach، بحيث لا يتم التعامل مع الألم كألم بحت، عبر إعطاء المسكنات والعقاقير لتسكين الوجع لفترة، وإنما يتم التركيز على إلغاء الألم من جذوره. إضافة إلى بعض العلاجات الـ Invasive، مثل Nerve Block أي تنويم العصب لإراحة الدماغ مما يسبب الألم المتواصل. لذلك لا بد من الإرتكاز ايضاً على المقاربة النفسية، عبر تفهم المريضة وتصديق ألمها والاستعانة ببعض أنواع أدوية الاكتئاب لمعالجة الألم المزمن. كما تتم الاستعانة بمختلف العلاجات الفيزيائية وحتى السباحة للحصول على النتيجة المطلوبة.”