تحت شعار “العالم يحتاج إلى العلم، والعلم يحتاج إلى المرأة”، كرّم برنامج لوريال-اليونسكو “من أجل المرأة في العلم” في دورته الحادية عشرة ست باحثات شابات متميزات من المشرق العربي، برعاية وحضور معالي وزير الإعلام السابق المهندس زياد المكاري. وقد تم اختيار هؤلاء الباحثات من بين حوالي 100 مرشحة، تقديرًا لدورهن البارز في مجالات علمية متنوعة وتحديهن للصعوبات في المنطقة.
من بين المكرّمات الدكتورة ميريام الخوري من لبنان، الأستاذة المشاركة في الجامعة اللبنانية الأميركية في قسم علم النفس والتربية، التي تميّزت بأبحاثها حول المسارات الدماغية المختلفة للإجهاد ما بعد الصدمة والنمو ما بعد الصدمة بعد خمس سنوات من انفجار مرفأ بيروت. وفي حديث لموقع مجلة المرأة ذكرت الدكتورة ميريام الخوري أن نشأتها في بيئة أكاديمية، حيث كان والديها يعملان في التدريس الجامعي، لعبت دورًا كبيرًا في إثارة “الفضول العلمي” منذ الصغر، خاصة عند سماع نقاشاتهما حول منهجية البحث التي كانا يدرّسانها، معتبرة أن التوجه نحو مهنة علمية كان محاولة لإيجاد إجابات للعديد من الأسئلة حول العلاقة المتداخلة بين الصحة النفسية والفيزيولوجية، لا سيما في لبنان الذي يشهد أزمات متكررة، ومن بينها سؤال يركز على “كيف أن عقودًا من الحروب والمحن لم تقضِ على حب الحياة الذي يشتهر به اللبنانيون؟”.
وفي شرح عن بحثها الذي حازت بجائزة بفضله قالت ” الأبحاث تركز على فهم كيفية استجابة الدماغ البشري للصدمات بشكل مختلف حتى عندما يتعرض الأفراد للحدث نفسه. فبينما يُصاب بعضهم بإحباط شديد وغير قادرين على تجاوز الصدمة، يتمكن آخرون من التأقلم والنمو بعد التجربة”، وأشارت الخوري إلى أن لهذا البحث أهمية بالغة لسببين أساسيين: إذا تم تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للانهيار النفسي، فسيكون بالإمكان التدخل العلاجي بشكل أسرع. وإذا تم فهم العوامل التي تجعل البعض أكثر مرونة، فسيكون بالإمكان تطوير استراتيجيات لمساعدة الأشخاص على التكيف بشكل أفضل، خاصة في دول المشرق التي تواجه معدلات عالية من الصدمات”.
وعن بعض التحديات التي واجهتها، اعتبرت د. الخوري أن إيجاد اختصاص أكاديمي يجمع بين عدة مجالات علمية مثلت تحديًا، بحيث يكون متعدد التخصصات ويدمج بين علمي الأحياء والنفس. وأوضحت أن التخصص كان يجب أن يكون فريدًا من نوعه ليمنح “ميزة تنافسية” كباحثة في علم الأعصاب، وواضحًا بما يكفي ليتم إدارته من لبنان. كما شددت على ضرورة أن يكون له تأثير ملموس يُسهم في تحسين الخدمات العلاجية للمجتمع. رغم التحديات، أكدت د. الخوري أن البحث كان مستمرًا عن سُبل تجمع بين هذه العوامل، مما ساعد في صياغة مسار علمي هادف وملائم للواقع الذي نعيشه في المنطقة.
وختمت د. الخوري في رسالة للنساء، “لقد جعلت العديد من العالمات الرائدات من السهل النظر بإعجاب إلى النساء في العلوم. لذا، وكعالمة أعصاب معرفية وأخصائية نفسية إكلينيكية، أود أن أقول: “لا تنجزي ذلك مثل الرجال، أنتِ مجهزة للقيام بذلك بشكل مختلف والنجاح فيه”، وأضافت
“لقد طورت النساء أدمغة عاطفية وعقلانية بشكل متساوٍ (على عكس الرجال الذين يركزون فقط على القدرات العقلانية)، هذه القدرة التكاملية هي السمة العصبية للقدرات المعرفية العليا، لذا إذا استخدمتِ هذه المهارة، يمكنكِ التفوّق على الرجال، ليس من خلال حل المشكلات أو القيادة بشكل أفضل، ولكن من خلال القيام بذلك بطريقة مختلفة تمامًا”.