كيف سيعمل الذكاء الاصطناعي على تحسين الاستدامة وتحقيق أهداف مؤتمر دول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ “COP28” الذي سيُعقد في دبي نوفمبر المُقبل
Share
تستعد دولة الإمارات العربية المتحدة لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين للمؤتمر العالمي البارز مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغيير المناخ “COP28“، والذي من المقرر أن ينعقد في مدينة إكسبو دبي في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من 2023، حيث يكتسب مؤتمر COP28 الذي سيعقد في دولة الإمارات العربية المتحدة أهمية كبيرة، ويمثل نقطة تحول مهمة نحو تحقيق أهداف اتفاقية باريس لعام 2030 والتي تهدف للحد من انبعاثات غاز الاحتباس الحراري وتقليل ارتفاع درجة حرارة العالم بشكل كبير إلى مستوى أقل من درجتين مئويتين، وتسعى أيضاً للحد من هذا الارتفاع إلى 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050، وذلك بالمقارنة مع مستويات الاحتباس الحراري قبل العصر الصناعي.
بينما سيجتمع ألمع العقول في العالم في مدينة إكسبو لحضور مؤتمر الدول الأطراف (COP28)، والذي يعتبر فرصة مناسبة للشركات لإعادة تقييم تدابير الاستدامة الخاصة بها، يُسلط فريق شركة لايك ديجيتال وشركائها الضوء على الدور الحيوي الذي يمكن أن يقوم به الذكاء الاصطناعي في تقليل انبعاثات الكربون. كما يسعى كذلك إلى تسليط الضوء على الطرق التي يمكن أن يسهم بها الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل وإعادة تعريف مفهوم الاستدامة. يشمل ذلك تعزيز كفاءة استخدام الطاقة وتحسين إدارة النفايات، والعديد من الجوانب الأخرى.
لا سيما وأننا لا يمكننا أن نتجاهل أننا دخلنا عصراً جديداً في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث أدى تطور هذا المجال إلى تحول شامل في مختلف جوانب حياتنا. بدءًا من كيفية تسوقنا لشراء الضروريات وصولاً إلى العلاجات الطبية التي نحصل عليها، فإن التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي قد أثرت على كل جانب من جوانب حياتنا، وأن واحدة من اهم المجالات الواعدة للنمو والتطور هي كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز الاستدامة، إذ يوفر الذكاء الاصطناعي للأفراد والشركات أدوات وتقنيات جديدة لمكافحة تأثيرات تغير المناخ وحماية البيئة.
لذا فيما يلي سنقوم بتسليط الضوء على أهمية توظيف الذكاء الاصطناعي في تعزيز الاستدامة من خلال هذه الدراسة :
تحليل الوقت الحقيقي
إحدى أبرز مميزات الذكاء الاصطناعي تكمن في إمكانيته لمعالجة مجموعات بيانات معقدة ومتنوعة في الوقت الحقيقي. في عام 2022، أطلق برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) غرفة حالة البيئة العالمية (WESR)، وهي منصة رقمية تستفيد من إمكانيات الذكاء الاصطناعي لرصد وتحليل البيانات وإصدار توقعات مستقبلية حول القضايا البيئية الرئيسية في جميع أنحاء العالم، وشمل هذه القضايا، على سبيل المثال لا الحصر، تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي والتغيرات في الكتلة الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر، ووفقاً لمتحدث باسم برنامج الأمم المتحدة للبيئة، يهدف هذا الجهاز لتحول غرفة حالة البيئة العالمية إلى “مركز مراقبة لمهام كوكب الأرض، حيث يمكن مراقبة جميع مؤشراتنا البيئية الحيوية بسلاسة واتخاذ الإجراءات اللازمة”.
تحسين كفاءة الطاقة المُستهلكة
بهدف الحد من انبعاثات الكربون الناتجة عن استهلاك الطاقة في المباني وتحقيق بيئة أكثر استدامة وصحة للسكن والعمل، قامت شركة التصميم العالمية أروب بتطوير منصة “نيورون” (Neuron). حيث تعتمد هذه المنصة على تقنيات الذكاء الاصطناعي وتستخدم أجهزة استشعار الجيل الخامس وإنترنت الأشياء لجمع وتحليل البيانات من أنظمة إدارة الطاقة في المباني. بعد ذلك، تقوم بتحسين استهلاك الطاقة لأنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء (HVAC) استناداً إلى سلوكيات المستخدمين، مما يمكن أن يسفر عن توفير نسبة تتراوح بين 10% إلى 30% من الطاقة في المباني التجارية. بالإضافة إلى ذلك، تُحسن التقنيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي مصادر الطاقة المتجددة في العالم عبر الذكاء الاصطناعي، من تنبؤ منصات التتبع السحابي لأداء الطاقة الشمسية إلى تحسين أنظمة تخزين وتوزيع الطاقة.
الحد من هدر المياه
إدارة موارد المياه الثمينة تعد مجالًا آخر يستفيد بشكل كبير من تطبيقات الذكاء الاصطناعي. حيثُ يُعتبر تسرب المياه الغير معالج كمصدر لفقدان يصل إلى 25% من المياه الصالحة للاستخدام في العالم. لهذا السبب، قامت شركة وينت (WINT) الذكية لتحليل المياة بتطوير أداة تتعقب وتكتشف التسريبات بشكل تلقائي وتوقفها عند مصدرها، مما يُساهم بشكل فعال في منع تدفق المياه بلا داعٍ.
حراس الغابات
أدركنا منذ وقت طويل الدور الحاسم الذي تلعبه الغابات في تحسين جودة الهواء والمساهمة في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بالإضافة إلى الحفاظ على كوكبنا للأجيال القادمة. حالياً يعمل الذكاء الاصطناعي على تحويل الأشجار إلى “حراس” مثاليين في المستقبل عن طريق مراقبة وتتبع الأنشطة غير القانونية مثل إزالة الغابات غير المشروعة وصيد الحيوانات الغير مشروع.
خاصةص في المناطق التي يتم تنفيذ أنشطة التطهير الغير القانوني للغابات والأراضي والصيد غير المشروع، لذا تعمل منظمة “راين فورست كونكشن” (Rainforest Connection) الغير ربحية على تطوير تكنولوجيا المراقبة الصوتية للأشجار عن طريق تمكينها “الاستماع” إلى المناطق المحيطة بها، حيث تنقل أجهزة الاستشعار صوت الغابة بشكل مباشر وفي الوقت الفعلي، ويتم تحليل هذه البيانات لاحقًا للكشف عن أصوات مميزة تتعلق بأنشطة غير قانونية مثل قطع الأشجار أو الصيد الجائر، أو صوت المناشير وشاحنات النقل الغير مشروع، ليتم إستخدام هذه المعلومات لتنبيه السلطات المحلية بالأنشطة غير القانونية، وحتى الآن، تم تنصيب أكثر من 600 جهاز “حارس” من هذا النوع في 35 دولة حول العالم، من الفلبين إلى البيرو.
الحد من النفايات
يتم تحقيق تقدم كبير في تقليل الهدر الغذائي من خلال استخدام حلول مثل نظام وينوو (Winnow Solutions) في قطاع الضيافة. حيث يساعد هذا النظام المطابخ التجارية على تقليل هدر الطعام بشكل فعال، حيث تتمكن منصة مدعومة بالذكاء الاصطناعي من تحديد الفاقد بدقة في المطابخ وقياس كميته ووزنه. مما يساعد ذلك الطهاة في تحسين إدارة الطلبات وإدارة المخزون، وبالتالي يسهم في مكافحة هدر الطعام الذي يصل إلى 1.3 مليار طن من الطعام الذي يتم إهداره سنويًا.
إدارة المخزون
تعتبر الاستفادة من تحسين إدارة المخزون المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لا تقتصر فقط على المطابخ التجارية، بل يمكن أيضًا أن يكون لها تأثير إيجابي على تسهيل احتياجات النقل والتخزين لمختلف الشركات، سواء كانت محلات ملابس أو شركات تصنيع السيارات وغيرها، مما يساعد على ضمان توفير مستوى مناسب من المخزون لخدمة العملاء دون الإفراط في التزامات المخزون ودون تكبد الفاقد، مما يتيح الفرصة للشركات للمساهمة في حماية البيئة.
الاقتصاد البيئي والفوائد المالية
أظهرت الأبحاث الحديثة التي أجرتها شركة برايس ووترهاوس كوبرز (PwC) في المملكة المتحدة تأثير الإدارة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي من الناحية الاقتصادية والبيئية في أربعة قطاعات رئيسية: الزراعة، المياه، الطاقة، والنقل، وتبين للباحثين أن استخدام التكنولوجيا الذكية في تطبيقات البيئة يمكن أن يقلل من انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم بنسبة تصل إلى 4٪، ما يعادل 2.4 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون. هذا ما يعادل انبعاثات المجتمع المتوقعة لأستراليا وكندا واليابان مجتمعة في عام 2030، ويسهم بشكل كبير في الاقتصاد العالمي بمقدار يصل إلى 5.2 تريليون دولار أمريكي في عام 2030.